حديث(من مات ولم يعرف إمام زمانه..)

س- ما هو المقصود من حديث (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية)

ج - إن معرفة المقصود من هذا الحديث وغيره ترتبط بالنظر إلى الروايات الأخرى التي تتحدث عن أصول الإسلام ومن الواضح أن الإمامة إذا لم تكن من أصول الدين كما يذهب إلى ذلك معظم العلماء المسلمين فهذا يعني أن الحديث المذكور ليس ناظراً إلى مسألة الكفر والإيمان ، وإنما يكون ناظراً إلى مسألة الإمامة واستمرارها في حمل رسالة الدين في حياة الأمة كما يستفاد من الأحاديث العديدة بأن الخلفاء اثنا عشر بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام كما جاء في صحيح مسلم وغيره(لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش) ويظهر من الأحاديث الأخرى أن آخر هؤلاء الخلفاء يكون في آخر الزمان وهو الإمام محمد المهدي كما يستفاد مما رواه الترمذي في صحيحه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً من أهل بيتي يواطئ إسمه إسمي. 
وروى الإمام أحمد في مسنده أنه قال: لا تنقضي الأيام ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ إسمه إسمي. وروى هذا المعنى غيرهما أيضاً،وإذا كان الإمام المهدي هو آخر الخلفاء قبل قيام الساعة-كما يستفاد من تلك الأحاديث المتواترة-فهذا يعني أن الخلفاء الإثني عشر الذين وردوا في صحيح مسلم وغيره لا يصح تطبيق عددهم على خصوص من مضى من الخلفاء الذين أداروا أمر الخلافة في عهودها الماضية.
وحديث(من مات ولم يعرف إمام زمانه..) قد يشير إلى الإمامة مضافاً إلى استمرارها بوصفها ناظمة للأمر المانع من اختلال النظام والذي يؤدي عدمه إلى ضياع الأمة وحقوق أفرادها وحصول الهرج والمرج بالفراغ الحاصل بسبب غيابها وخلوّ موقع القيادة منها، وهو ما يستفاد من عدة روايات عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في موقفه من الخلافة ، منها قوله(.. لأسلّمنّ ما سلمت أمور المسلمين ) ، ومنها( دعوني والتمسوا غيري.. ) فإذا كان الخليفة غير شرعي وكانت مبايعته تدخل النار وتموت الناس بسببها ميتة جاهلية؟ فكيف تمت المبايعة منه فيما بعد ؟ وكيف يدعوهم إلى التماس غيره؟ وكيف يسكت عن قيام المسلمين بعمل يموتون به ميتة جاهلية ؟! وهل يبقون مسلمين حينئذٍ وهو الحريص على سلامة أمورهم الشاملة لأمور الدنيا والدين؟!.
ولذلك وغيره ، فإن من المحتمل قويّاً أن يكون النظر في هذا الحديث وغيره من أشباهه إلى مسألة الحث على ملأ الفراغ القيادي دفعاً للفتن  والصراعات في المجتمع التي يمكن أن تترتب عليه كما يشير إليه قوله عليه السلام (.. وإنه لا بد للناس من أمير ..). وفي بحث الإمامة في كتابنا(السنة والشيعة أمة واحدة) ما ينفع في المقام إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(العلامة السيد علي الأمين)